وقال الفراء وابن جبير: {مُخَلَّدُونَ} أي: مقرّطون بخلدة وهي ضرب من الأقراط قيل: الولدان: هم أولاد أهل الدنيا الذين ماتوا صغارًا فلم تكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا عليها، روي هذا عن علي - كرم الله وجهه - وعن الحسن. واشتهر أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: (أولاد الكفار خدم أهل الجنة).
{بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ}:
{بِأَكْوَابٍ} أي: ويدور عليهم الولدان بآنية لا عرا لها ولا خراطيم، والظاهر أنها الأقداح وبذلك فسّرها عكرمة وهي جمع كوب.
{وَأَبَارِيقَ}: جع إبريق وهو إناء له خرطوم وعروة.
{وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} أي: وبكأس ملئت خمرًا من عيون جارية كما قال ابن عباس وقتادة، أي: لم يُعصر كخمر الدنيا وقيل: {مَعِينٍ} خمر ظاهر للعين مرئية بها؛ لأنها كذلك أهنأُ وألذُّ.
19 - {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ}:
{لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} أي: لا يصيبهم بشربها صداع يصرفهم عنها، والمراد: أنه لا يلحق برءوسهم صداع لأجل خِمار يحصل منها كما في خمور الدنيا، أو لا يُفرقون عنها: بمعنى: لا تقطع عنهم لذَّتهم بسبب من الأسباب.
{وَلَا يُنْزِفُونَ} أي: ولا تذهب عقولهم بسكرها من نزف الشارب كعُنِيَ إذا ذهب عقله، فهي لذّة بلا ألم ولا سكر بخلاف شراب الدّنيا والآية الأولى {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} لبيان نفي الضرر عن الأجسام والثانية {وَلَا يُنْزِفُونَ} لبيان نفي الضرر عن العقول.
20، 21 - {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}:
{وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} أي: ويطوف الولدان عليهم بما يتخيّرون من الفاكهة والثمار أي: يأخذون خيره وأفضله والمراد بما يرضونه ويعجبهم.