{الْأَوَّلِينَ} قال: ثلة ممن مضى من هذه الأمة، وروى عن محمَّد بن سيرين أنه قال في قوله - تعالى -: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}.
كانوا يقولون أو يرجون أن يكونوا كلهم من هذه الأمة فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأُمة ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها، فيحتمل أن تعم الآية جميع الأمم، كل أُمة بحسبها، ولقد ثبت في الصحاح قوله - صلى الله عليه وسلم -: (خير القرون قرنى ثم الّذين يلونهم ثم الذين يلونهم).
15، 16 - {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ}:
{عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} (?) أي: ومستقرّين على سرر منسوجة بالذهب مشبّكة بالجواهر الكريمة من الدر والياقوت بإحكام، وقيل موضونة: أي: متصل بعضها ببعض متقاربة كحلقِ الدِّرع.
{مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ} أي: مضجعين على السرر في راحة واستقرار وهدوء وطمأنينة متقابلة وجوههم ليس أحد وراء أحد.
والمراد كما قال مجاهد: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه، وهو وصف لهم بحسن العشرة وكمال الخلق، ورعاية الآداب، وصفاء النفوس وطهارة القلوب.
17، 18 - {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ* بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ}:
{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} حال آخر، أو استئناف أي: ويدور حول السابقين المقربين للخدمة ولدان مُخلدون أي: باقون أبدًا على هيئة الولدان وشكلهم وطراوتهم لا يتحوّلون عن ذلك، وإلا فكل أهل الجنة مخلد لا يموت.