ومن الأحجار شبه الكريمة التي تستعمل في الزينة حجر التوباز، ويوجد في الرواسب النهرية في مواقع كثيرة ومنتشرة في البرازيل وروسيا (الأورال) وسيبريا - ثم قال: ويغلب أن يكون أصفر أو بنيًّا، إلى آخر ما جاءَ في الهامش المذكور من الأحجار الكريمة التي تستخرج من الرواسب النهرية.

والمعنى الإجمالي للآيتين: أرسل الله - تعالى - البحرين الملح والعذب، وجعلهما يلتقيان في أطرافهما، وهذا الالتقاء والتمازج في الأطراف لم يجعل أحدهما يبغى على الآخر بإيصال خاصيته في داخله؛ لأنه - تعالى - جعل بينهما حاجزًا يمنع التمازج الكلى بينهما، وهذا الحاجز هو تدرج أجزاء الأرض إلى الارتفاع الكروى، وهذه الكروية مع سرعة دورانها الرهيبة تبقى كليهما في داخله محافظًا على خاصيته، ومثل ذلك كمثل الشمس تشرق في أرض قبل أُخرى وتغرب كذلك، وهذا بسبب الارتفاع الكروى الذي يحجز إشراقها أو غروبها في أرض قبل أخرى، بالإضافة إلى جاذبيتها الشديدة، فهي تجذب كل ما فوقها إليها، حتى لا يفارق مكانه بسبب سرعتها، ولو كانت غير كروية لاختلط الملح بالعذب، وأبطل كل منهما خاصية الآخر، ولأشرقت الشمس على جميع بقاعها في وقت واحد، فيبقى الزمن كله نهارًا لا ليل له، وكل ذلك بقدرة الله الذي أحسن كل شيء خلقه، فتبارك الله أحسن الخالقين.

ومن العلماء السابقين من قال: إن الحاجز بين البحرين هو الأرض اليابسة بينهما، وجعل التقاءَهما تقاربهما، وهذا غير متيسر في كل الأَنهار، بل المشاهد هو التلاقى الامتزاجى في الأطراف، حتى لا يكون الماء العذب آسنا متغير الطعم واللون، فما قلناه أولًا هو الحق، وصدق الله - تعالى - إذ يقول: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ... } (?).

ويعقب الله - تعالى - هاتين الآيتين بقوله: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ممّا لكما في ذلك من المنافع، وبقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أي: يخرج من البحرين الملح والعذب اللؤلؤ والمرجان، على ما تقدم بيانه، فكما جعل الأرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015