وذكر الله - تعالى - أنه يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، يقول بعض المفسرين: إن اللؤلؤ صغار الدر، والمرجان كباره، ونقل ذلك عن الإِمام علي - رضي الله عنه - وقيل: عكس ذلك، وروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وروى عن ابن مسعود أن المرجان الخرز الأحمر، وعلى هذا يكون اللؤلؤ شاملا لكباره وصغاره، وهذا هو المتعارف بين الناس.
وجاء في الآية أن كليهما يخرج من البحرين الملح والعذب، مع أن المعروف هو وجودهما في الملح دون العذب، وأجاب القرطبي عن ذلك بقوله: إن العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما، كقوله - تعالى -: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} وإنما الرسل من الإنس دون الجن: قاله الكلبي وغيره: وقال الزجاج: قد ذكرهما الله، فإذا أخرج من أحدهما شيء فقد خرج منهما، وهو كقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} (?) ولكن أجمل ذكر السبع، فكان ما في إحداهما فيهن، إلى غير ذلك مما ذكره القرطبى.
والحق أنه يخرج من كليهما كما أظهره العلم الحديث، فقد جاءَ في هامش التفسير المنتخب الذي أخرجته وزارة الأوقاف المصرية؛ تعليقًا علي قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} (?) - جاء في الهامش - "أن اللؤلؤ كما يستخرج من أنواع معينة من البحر الملح، يستخرج أيضًا من أنواع أخرى صدفيات من الأنهار، فتوجد اللآلىء في المياة العذبة في انجلترا واسكتلاندا وويلز وتشيكوسلوفاكيا واليابان" إلخ بالإضافة إلى مصايد اللؤلؤ البحرية المشهورة، ويدخل في ذلك ما تحمله المياه العذبة من المعادن العالية، كالماس الذي يستخرج من رواسب الأنهار الجافة المعروفة بالبرقة، ويوجد الياقوت كذلك في الرواسب النهرية.