ويفهم من الآية أن كل عبادة مؤقتة بوقت لا يجوز تقديمها عليه، كالصلاة والصوم والحج.
واختلف في تقديم الزكاة عن وقت وجوبها، فأجازه قوم وبه قال أبو حنيفة، والشافعى، ومنعه قوم منهم أشهب، فلا تقدم على وقتها لحظة واحدة.
وقد اعتمد الذين أجازوا تقديمها على وقتها - اعتمدوا - على فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد استعجل من العباس صدقة عامين، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - قد أقر جمع زكاة الفطر قبل يوم الفطر، حتى تعطى لمستحقيها قبل يوم الوجوب، وهو يوم عيد الفطر، وبهذا القول نقول، فيجوز إعطاءُ الزكاة قبل تمام الحول، فإذا حال الحول وقد نقص المال فما دفعه من الزيادة عن الواجب عليه يعتبر صدقة تطوع، وإذا زاد كما في عروض التجارة، فإنه يستكمل الزكاة بإخراج نصيب هذا القدر الذي زاد.
وقد ختم الله الآية بقوله - سبحانه -: (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي: وخافوا الله واجعلوا لأنفسكم وقاية من عقابه بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، إن الله سميع لأقوالكم عليم بها وبأعمالكم، فيجزيكم الجزاء اللائق بامتثالكم أو مخالفتكم.
2 - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ):
سبب نزول الآية:
روى البخاري والترمذي بسنديهما عن أبي مُليْكة قال: حدثني عبد الله بن الزبير أن الأقرع بن حابس قَدِم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: يا رسول الله، استعمله على قومه (?)، فقال عمر: لا تستعمله يا رسول الله، فتكلما عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ارتفعت أصواتهما، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك - قال -: فنزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ... ) الآية، قال: