35 - {وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}:
قال الحسن: الزخرف: النقوش والتزاويق، وقال ابن زيد: هو أثاث البيت وتجملاته وقال ابن عباس: الزخرف: الذهب، وقال الراغب: الزخرف: الزينة المزوقة، ومنه قيل للذهب: زخرف، وقال صاحب المختار: الزخرف: الذهب، ثم يشبه به كل مُمَوَّه مزوق.
والمعنى: ولجعلنا لبيوت الكفار نقوشًا وزينة من ذهب وغيره، وما كل ذلك من البيوت وزخارفها إلاَّ متاع الحياة الدنيا، والآخرة بما فيها من نعيم يعجز الواصفون عن وصفه، خالصة للمتقين الذين اجتنبوا الكفر وسائر المعاصى.
وفي الآية تزهيد في متاع الدنيا وزخارفها، والحث على التقوى، وقد أخرج الترمذي وصححه وابن ماجة عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كانت الدنيا تساوِى عندَ اللهِ جناح بعوضةٍ ما سقَى منها كافرا شَربةَ ماءٍ".
وفي صحيح الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدنيا سجن المؤمن وجنّةُ الكافِر".
وعن علي - كرم الله وجهه -: الدنيا أحقر من ذراع خنزير ميت بال عليه كلب في يد مجذوم.
وقال بعض الشعراء:
فلو كانت الدنيا جزاءً لمحسن ... إذًا لم يكن فيها معاش لظالم
قد جاع فيها الأنبياءُ كرامة ... وقد شبعت فيها بطون البهائم
وقال آخر:
إذا أبقت الدنيا على المرءِ دينه ... فما فاته منها فليس بضائر
فلا تزن الدنيا جناح بعوضة ... ولا وزن رَقِّ من جناح لطائر
فلم يرض بالدنيا ثوابًا لمحسن ... ولا رضى الدنيا عقابًا لكافر