{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} أي: وأحللنا لك أَيها النبي امرأَة مؤمنة إذا وهبت نفسها لك أَن تتزوجها بغير مهر إنْ شئت ذلك.

وهذه الآية توالى فيها شرطان: {إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} كقوله - تعالى - إخبارًا عن نوح - عليه السلام - أَنه قال لقومه: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ} (?).

وقد أَباح هذا النص للنبي - صلى الله عليه وسلم - أَن يتزوج من وهبت نفسها له دون مهر، واختلف العلماءُ في حدوث ذلك، فابن أَبي حاتم يروى بسنده عن ابن عباس قال: لم يكن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأَة وهبت نفسها، ورواه ابن جرير بسنده عن يونس بن بكير أَنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقبل واحدة ممن وهبت نفسها له، وإن كان ذلك مباحًا ومخصوصًا به؛ لأَنه مردود إلى مشيئته، كما قال تعالى: {إنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.

ومن العلماء من قال بحدوث ذلك في ميمونة بنت الحارث، ومنهم من قال إنهن أَربع: ميمونة بنت الحارث، وزينب بنت خزيمة الأَنصارية، وأُم شريك بنت جابر، وخولة بنت حكيم (?).

وقد ثبت أن امرأَة عرضت عليه نفسها هبة فزوجها من سواه، أَخرج الإِمام البخاري بسنده عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن امرأَة عرضت نفسها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له رجل: يا رسول الله زوجنيها، فقال ما عندك؟ قال: ما عندي شيء، قال: اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد. فذهب ثم رجع فقال: لا والله ما وجدت ولا خاتما من حديد، ولكن هذا إزارى ولها نصفه - قال سهل: وماله رداءٌ - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وما تصنع بإزارك؟ إن لبستَهُ لم يكن عليها منه شيءٌ، وإن لبِسَتْه لم يكن عليك منه شىءٌ، فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعاه أو دعى له، فقال له ما معك من القرآن؟ فقال: معي سورة كذا، وسورة كذا لسور يعدِّدها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أَملكناكها بما معك من القرآن". وفي رواية: زوجتكها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015