التفسير
6 - {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُوالْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ .. } الآية:
هذه الآية نسخ الله بها بعض الأحكام التي كانت في صدر الإسلام، وبيانه ما يلي:
(1) أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي على أحد وعليه دين، فلما فتح الله عليه الفتوح، قال: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه ديغ فعلي قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته" أخرجه الصحيحان، وروى البخاري بسنده في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرأوا إن شئتم قول الله - تعالى -: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فأيما مؤمن ترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دينًا أو ضَيَاعًا فليأتني فأنا مولاه" أخرجه البخاري في تفسير سورة الأحزاب.
والمراد من عصبته: قرابته، والضَّياع: مصدر ضاع جعل اسما لكل ما هو عرضة للضياع، من عيال لا كافل لهم، ومال لا قيِّم عليه، وسميت الأرض ضيعة لأنها معرضة للضياع، وتجمع على ضياع - بكسر الضاد (?) - وقال بض العلماء: هو أولى بهم من أنفسهم؛ لأن أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك، وهو يدعوهم إلى النجاة، ويؤيد هذا المعنى حديث مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا، فجعلت الدواب والفراش يقَعْن فيها، وأنا آخذ بحُجزِكم وأنتم تقتحمون فيها" قال العلماء: الحُجْزة للسراويل والمعقد للإزار، فهذا أراد الرجل إمساك من يخاف سقوطه، أخذ بذلك الموضع منه.
وهذا مثل لاجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - في نجاتنا، وحرصه على تخليصنا من المهالك التي بين أيدينا، بدافع شهواتنا ووسوسة الشيطان الرجيم، فهو أولى بنا من أنفسنا.
وفسرها بعضهم بأن المراد بأولويته بهم من أنفسهم أنه إذا أمر بشيء، ودعت النفس إلى غيره، كان أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى، وشرعه أحق من هوى أنفسهم،