وسبب نزولها: أنَّ قريشًا سألت الرسول عن قصَّة لقمان مع ابنه فنزلت.
مناسبتها لما قبلها: ذكر العلماء أوْجُهًا كثيرة لمناسبة. هذه السورة لما قبلها، ونقتصر على ما يلي:
ذكر في السُّورة السابقة - سورة الروم - قوله - تعالى -: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} وذكر هنا في سورة لقمان قوله - تعالى -: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} وكلتاهما تفيد إمكان البعث وسهولته على الله - تعالى - كذلك جاء في السورة السابقة قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}، وقال - عَزَّ وَجَلَّ - في هذه السورة: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} فذكر - سبحانه - في كل من الآيتين قسمًا لم يذكره في الأُخرى، ففي الأُولى ذكر الفريق المشرك، وفي الثانية ذكر الفريق المؤمن، وبيَّن في الآيتين طبيعة الناس وما جبلوا عليه، إذا مسَّهم مكروه دعَوْا ربهم خاشعين مُخْبتين، فإذا نَجَّاهم من شدَّتهم نسى أكثرهم فضله، وجحدوا آلاءه، ورجعوا إلى شركهم، وبقي قليل منهم.
كذلك ذكر في السورة الأولى هزيمة الروم ثم غلبتهم بعد قتال مرير بين ملكين عظيمين من ملوك الدنيا تَحَارَبَا عليها وخرجا بذلك عن مقتضى الحكمة، وذكر في سورة لقمان قصَّة عبدٍ حكيم زاهد في الدنيا غير مكترث بها ولا مُلتفت إليها، أوْصَى ابنه بما يأْبى القتال، ويقتضي الصبر والمسالمة، وبَيْن الأمرين مِنَ التقابل ما لا يخفى.
صُدّرت السُّورة الكريمة بـ (الم) إفْحَامًا للكافرين الذين تحدَّاهم القرآن أن يأْتوا بمثله مع أنه مُؤَلَّف من كلمات ذات حروف كالتي ينطقون بها في لغتهم، وتنبيهًا للآذان لتستعدَّ لسماع وقبول ما يُتْلى عليها من الهَدْي الرَّبَّاني، ثم أشارت إلى القرآن الحكيم باسم