التفسير
1 - 5 {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}:
كان العالم يسيطر على معظمه أُمَّتَانِ كبيرتان - الفرس والروم - وكانت الحرب تدرر بينهما من وقت لآخر في سبيل السيطرة على الأمم الضعيفة، واستنزاف خيراتها، واستعباد أهلها.
وبعد أن شرف الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة غزت الفرس الروم في أدنى أرضهم إلى العرب - وهي بصرى وأَذرعات - وقال ابن عباس والسدي: الأردن وفلسطين. وقيل غير ذلك، ولا تنافي بين هذه الأقوال، فقد غزوهم في جميع مستعمراتهم، في آسيا حتى ألجأوهم إلى القسطنطينية، وحاصروهم فيها مدة طويلة.
ولما بلغ الخبر أهل مكة المشركين، فرحوا وشمتوا بالمسلمين، وقالوا: أنتم والنصارى أهل كتاب، ونحن وفارس وثنيون، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم، ولنظهرن عليكم، فنزلت الآية، فقال لهم أبو بكر: لا يَقِرَّن الله عينكم،، فوالله لتظهرن الروم على فارس في بضع سنين، فقال له أبي بن خلف: اجعل بيننا أجلًا أُنَاحِبُكَ - أي: أُراهنك - عليه، فناحبه على عشر قلائص (?) من كل واحد منهما، وجعلا الأجل ثلاث سنين، فأخبر أبو بكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما جرى بينه وبين أبي بن خلف، فقال - صلى الله عليه وسلم - البضع "ما بين الثلاث إلى التسع، فزايده في الخطر (?) ومادَّه في الأجل (?) فجعلاه مائة قلوص إلى تسع سنين، ومات أُبَيًّ بن خلف من جرح جرحه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه من أُحُد، وظهر الروم على فارس يوم الحديبية، فأخذ أبو بكر الخطر من ورثة أبي بن خلف، وجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "تصدق به".