وقال أبو حيان: المعنى: وما كانوا سابقين الأُمم إلى الكفر بل قد سبقهم إلى الكفر قرون كثيرة، فأهلكناهم، أي: تلك عادة الأمم مع رسلهم - عليهم السلام -.
40 - {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}:
أي: فكل واحد من المذكورين الذين كذبوا رسلهم، عاقبناه بما اقترف من ظلم وفساد، وكان أخذ كل منهم وفق ما أراده الله، فمنهم من أهلكناه بالريح العاصفة التي تحمل الحصباء - وهي صغار الحصى - وهم قوم لوط.
وقال ابن عطية: يشبه أن يدخل عاد في ذلك، لأن ما أُهلكوا به من الريح كانت شديدة وهي لا تخلو من الحصب بأمور مؤذية.
ومنهم من أخذته الصيحة المدوية المهلكة، كمدين وثمود ومنهم من خسفنا به الأرض فغارت به، وغيبته في جوفها كقارون.
ومنهم من أغرقناه في اليم كفرعون، وهامان وجنوده أجمعين {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ}: بأن يعاقبهم من غير جرم؛ فإن ذلك محال من جهته - تعالى - وليس من سنته - عَزَّ وَجَلَّ - {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}: أي إنما فعل بهم ذلك جزاء وفاقا بما كسبت أيديهم حيث استمروا على ما يوجب عقابهم من الكفر والمعاصي باختيارهم.
{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)}