أو: كانوا عقلاء ذوى بصائر يمكنهم التمييز بين الحق والباطل بالنظر والاستدلال لوضوح الأدلة وظهور البراهين ولكنهم أعرضوا ولم يعتبروا، قال الفراءُ: كانوا عقلاء ذوى بصائر يعرفون الحق، ولكنهم أهملوه كفرا وعنادًا وجحودًا، وقال مجاهد: وكانوا مستبصرين في الضلال.

39 - {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ .. } الآية:

أي: واذكر - أيها الرسول - لهؤلاء المغترين بأموالهم وسلطانهم مصرع قارون، وفرعون، وهامان.

وقارون (?) كان من قوم موسى - عليه السلام - وقُدِّم ذكره على فرعون وهامان؛ لأن المقصود تسلية النبي - صلى الله عليه وسلم - عما لقى من قومه لحسدهم له، فقارون مع أنه كان من قوم موسى قد لقى منه موسى ما لقى، روى أنه كان يؤذيه في كل وقت ويحسده وهو يداريه لقرابته.

أو قدِّم لأنه أشرف من فرعون وهامان لإيمانه في الظاهر وعلمه بالتوراة، وكونه ذا قرابة من موسى - عليه السلام - أو: قدم لأن هلاكه قبل هلاكهما، فتقديمه يكون على وفق الواقع، وفرعون ملك مصر، وهامان وزيره، وكانا رأس الكفر بالله ورسوله تزعما قومهما في الكفر بموسى، وأنزلا ببنى إسرائيل أشد العذاب وأقساه.

{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}:

أي: لما جاءهم موسى بالحجج الواضحة على نبوته، ودعاهم إلى الإذعان واتباع الحق استكبروا في الأرض عن الإيمان بالله والطاعة له، وهذا يشعر بقلة عقولهم وضعف إدراكهم لأن من في الأرض محياهم ومماتهم لا ينبغي لهم أن يستكبروا على القوى القاهر الذي يملك السموات والأرض وما فيهما كما أنهم لا يفوتون أمر الله - تعالى - بل يدركهم وينزل بهم الدمار والهلاك، فلا يفلت منهم أحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015