{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89) وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90)}
المفردات:
(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ): بالفعلة المستحسنة شرعًا. {مِنْ فَزَعٍ} الفزع: الخوف.
{وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} المراد بها هنا: الشرك, كما سيأتي بيانه.
{فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ}: الوجوه المعروفة, أو هي كناية عن الأنفس, وكبُّها: إلقاؤها, وسيأتي مزيد بيان لذلك.
التفسير
89 - {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89)}:
لما ذكر الله - سبحانه - في الآية السابقة أنه عليم بما يفعله عباده جاء بهذه الآية والتى تليها لبيان ما يترتب على علمه بها من جزائِهم عليها .. وفسر ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من السلف - فسروا - الحسنة بشهادة التوحيد، بناء على ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من تفسيره إياها بذلك، والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - فسرها بأكملها، وهذا لا ينافى أن كل حسنة من الأفعال لها جزاءٌ في الآخرة خير منها، والمراد من الفزع الذي يأمنه أصحاب الحسنات: الخوف من العقاب بالنار، وهو ما جاء في قوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} وحكى عن الحسن أن ذاك حين يؤمر بالعبد إلى النار, وهذا لا ينافى ما يحدث لجميع المكلفين عند البعث بعد النفخة الثانية، فإنه عام لجميع من في السموات والأرض كما جاء في قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} فلا فرق بين أهل الحسنات وأهل السيئات في الشعور بالفزع والتهيب والرعب عندما يرون أهوال يوم القيامة عقب البعث، فإن ذلك أمر جبلي لا يكاد يخلو منه أحد.