77 - {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77)}:
أي: وإن هذا القرآن لهدى ورحمة لمن أنصف من اليهود والنصارى، فآمن به، واهتدى بهديه، واتبع سببله، أو هو هدى ورحمة لكل من آمن به على الإِطلاق، ويدخل فيهم من آمن من اليهود والنصارى دخولًا أوليًّا.
وخص - سبحانه - المؤمنين بالذكر، مع أنه هدى ورحمة للعالمين؛ لأنهم المنتفعون به، أو المراد بهم المستعدون للإيمان بفطرهم النظيفة.
78 - {إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}:
الذي: إن ربك - سبحانه - يقضى في الآخرة بين اليهود والنصارى، فيحازى بحكمه المحق الذي آمن بالقرآن، والمبطل الذي كفر به، ويراد بالحكم ما يحكم به، وهو الحق والعدل، ولا يقضي - سبحانه - إلا به فسمى المحكوم به حكمًا.
أو يحكم بينهم بحكمته بوضع الأُمور في نصابها، وإعطائها ما تستحق من جزاءٍ، ويدل على هذا الوجه قراءَة من قرأ {بِحُكْمِهِ} جمع حِكْمَة، كنِعَم جمع نعمة.
وقيل: يقضى بينهم في الدنيا بإظهار ما حرفوه، وبيان الحق فيما اختلفوا فيه وهو سبحانه "العزيز" أي: الغالب الذي لا يرد أمْرُه، ولا يعارَضُ قضاؤه "العليم" بكل شيءٍ من الأشياء لا تخفى عليه خافية، أو هو العزيز في انتقامه من المبْطلين، العلم بما بينهم وبين المحقين.
79 - {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ}:
أمرٌ للرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتوكل عليه - جل شأْنه - مرتَّبٌ على ما ذكر من شئونه - تعالى - فإنها موجبة للتوكل عليه وداعية إلى الإنابة إليه، أي: فتوكَّل على الله الذي عصمك من كيد الكائدين، وأمدك بتأييده ونصرته على أَعدائك، وإن خالفك من خالفك ممن كتبت عليهم الشقاوة وحقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون؛ لأنك على الحق البيِّن، وهو الدين القيِّم الذي تنزه عن كل شك أو شبهة، وفي ذلك بيان بأَن صاحب الحق حقيق بالوثوق بالله وبنصرته لا محالة.