وبطلان الكفر والإشراك، كما أمره أن يسلم على المختارين من عباده، ويراد بهم كافة الأنبياء والمرسلين لدلالة المقام ولقوله - تعالى - في آية أخرى: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} (?) ومن جملتهم الذين قص القرآن أخبارهم، عرفانًا بفضلهم وأداءً لحق تقدمهم، وقيل: هذا أَمر له - صلى الله عليه وسلم - بحمده - تعالى - على هلاك من هلك من كفرة الأُمم، والسلام على الأنبياءِ وأتباعهم الذين اتقوا ربهم اقتداءً برسلهم فكانوا من الناجين ..
ويرى ابن عباس أَن المراد من عباده المصطفين أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - اصطفاهم لنبيه - رضي الله عنهم - أخرجه عَبْدُ ابن حميد والبزار وابن جرير وغيرهم.
والسلام على غير الأنبياء مما لا خلاف في جوازه إن كان تابعًا للأنبياء، وقال الحنابلة وغيرهم بجوازه استقلالًا، وهذا ظاهر قول ابن عباس.
وقال الزمخشرى: أُمِرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتلو هذه الآيات الناطقة بالبراهين الدالة على وحدانيته - تعالى - وكمال قدرته، وإن يستفتح بحمده والتسليم على أنبيائه والمصطفين من عباده، وفيه تعليم حسن لكل متكم في أَمر ذى بال أن يتبرك بهما وأَن يستظهر بمكانهما على قبول ما يلقى إلى السامعين، وتوقيف على أدب جميل يحمل على التواضع والإخلاص، ولقد توارث العلماء والخطباءُ كابرًا عن كابر، هذه السنة الحميدة اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى باختصار.
{آللَّهُ خَيْرٌ (?) أَمَّا يُشْرِكُونَ}: إنكار على المشركين وتوبيخ لهم أن يعبدوا غير الله.
أي: أيهما خير؟ آلله الذي ذكرت شئونه العظيمة أم الذي يشركونه به من الأصنام؟ ومرجع ترديد السؤال بينهما في الخيرية إلى التعريض بتبكيت الكفرة من جهته تعالى، وتسفيه آرائهم والتهكم بهم، وذلك لأنهم آثروا عبادة الأصنام على عبادة الله، ولا يؤثر عاقل شيئًا على شيءٍ إلاَّ لداع يدعوه إلى إيثاره من زيادة خير ومنفعة.