وراء الحجرات، ولكن نادوه بلقبه العظيم، مثل: يا نبى الله، أَو يا رسول الله، مع التوقير والتواضع وخفض الصوت.
أو: لا تجعلوا دعاءه عليكم كدعاء بعضكم على بعض، فلا تبالوا بسخطه، فإن دعاءه مستجاب.
{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا}: لفظ (قد) مع الفعل المضارع يفيد التقليل غالبًا، وقد يفيد التحقيق بمعونة المقام - كما هنا - وهو مع الماضى يفيد التحقيق دائما.
والمعنى: قد يعلم الله بالتحقيق من يخرجون منكم - أَيها المنافقون - من مكان يجتمع فيه رسول الله بالمؤمنين دون استئذان منه - صلى الله عليه وسلم - يخرجون - متدرجين متلاوذين بأن يستتر بعضكم ببعض حتى يخرج، أو يلوذ بمن يؤذَن له، فينطلق معه كأنه تابعه، أو يهرب في خفية.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: أي فليحذر الذين يخالفون معرضين عما أمر به الله من الاستئذان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين الخروج من مجلسه - فيلحذروا أن تصيبهم محنة في الدنيا، أو يصيبهم عذاب شديد الإيلام في الآخرة.
64 - {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}:
أَلَا: أَداة تنبيه إِلى الاهتمام بما يجىءُ بعدها، والمعنى: أَلا إِن لله وحده جميع ما في السموات والأَرض من أَجزائهما وما استقر فيهما، خلقًا وملكا وتدبيرا وعلما، فكيف تخفى عليه أَحوال المنافقين وإِن اجتهدوا في إِخفائها وسترها، إِنه يعلم ما أَنتم عليه - أَيها المكلفون جميعًا - من الأَحوال التي من جملتها الموافقة والمخالفة والإِخلاص والنفاق، ويوم يرجع هؤلاء المنافقون إِليه - سبحانه - للحساب والجزاء في دار الجزءِ، فينبئهم بما عملوه، فيرتب عليه ما يستحقه من الجزاء، والله محيط علمه بكل شيءٍ، فلا تخفى عليه خافية في الأَرض ولا في السماء.