كان عمر بن عبد العزيز يقول بالرجم وينفذه كسائر أمراء المؤمنين، فعاب عليه الخوارج ذلك، قائلين: إِنه ليس في كتاب الله , فألزمهم بأعْدَادِ الركعات ومقادير الزكوات ونحو ذلك مما فصلته السنة ولا يوجد في كتاب الله، فقالوا: ذلك من فعله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، فقال لهم: وهذا أَيضًا كذلك.
وقد تنبأ بذلك عمر بن الخطاب، فقد روى البخاري بسنده عن ابن عباس قال: قال عمر: "لقد خشيت أَن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله عز وجل، فيضلوا بترك فريضة أَنزلها الله عز وجل، أَلا وإِن الرجم حق على من زنى وقد أَحْصَنَ - أَي: تزوج - إذا قامت البينة أو كان الحَمْل أَو الاعتراف) (?).
قد يقول قائل: قد ذكر الله من أَحكام الزناة الحبس والإيذاء والجلد في القرآن، فلماذا لم يذكر فيه الرجم، ولعله أَولى منها بالذكر لشدته؟
فالجواب: أَنه تعالى قد أنزل في سورة النساء: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} ولم يعين في الآية السبيل الذي سوف يجعله لهن عوضًا عن الحبس في البيوت، أَيكون نصًّا قرآنيًّا، أَم يكون حكمًا ينزل به جبريل على رسول الله ليبين به الرسول السبيل الذي ينسخ الحبس في البيوت حتى الموت، ثم أَنزل الله السبيل الناسخ لحبس الزانية في البيوت، فجعله في القرآن مائة جلدة لكل من الزانية والزانى، وجعله في السُّنة الرجم للمحصن مِنْ كُل منهما.