المفردات:
{فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ}: في شك من القرآن، أَو من الصراط المستقيم. {بَغْتَةً}: فجأَة.
{عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}: عذاب يوم لا مثيل له، فلا راحة فيه ولا رحمة.
{مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ}: المراد به؛ الجنة.
التفسير
55 - {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}:
بينت الآيات السابقة أَن أَهل مكة سَعْوا في آيات الله معاجزين. وأَن الله تعالى سلَّى نبيه - صلى الله عليه وسلم -، عن عدائهم للقرآن بأَنه ليس أَوْحَدِيًّا في عداءِ الكفار لما جاءَ به, فما أَرسل الله قبله رسولا ولا نبيًّا، إِلا إِذا تمنى إِيمان قومه، سعى شياطينهم في إِفساد أُمنيته, بإلقاءِ الشُّبه فيما جاءَهَم به، وأَنه تعالى كان يبطل ما يلقيه أُولئك الشياطين من الشبه، بما ينزله محكما في رد شبهاتهم، وأَن وقوف الشياطين في سبيل الحق ابتلاءٌ من الله لأُمم الأَنبياءِ, فبه يظهر المنافقون وصرحاءُ الكافرين على حقيقتهم لأَنبيائهم ورسلهم فيحذرونهم ويكافحونهم، وبه يعرف المؤْمنون المطمئنون للحق - بينت الآيات السابقة ذلك - وجاءَت هذه الآية لتسجل على شياطين الكافرين من أَهل مكة عنادهم في كفرهم، وأَنهم لا يزالون في غمرة من الشك بسبب القرآن, لا يخرجهم منها إلا مجىءُ الساعة فجأَة. أَو عذاب يوم لا مَثِيلَ له في شدته فَيَفِيقون من شكِّهم.
والمعنى: ولا يزال شياطين قريش في شك من القرآن أَو من الرسول، يجعلهم يقفون في سبيله ويُحَرِّضون أَتباعهم على الكفر به، حتى تأْتيهم ساعة الفناءِ فجأة، أَو يأْتيهم عذاب يوم عقيم لا يستعقب خيرا, أَو لا مثيل له في شدته، فهو في ذلك يشبه المرأَة العقيم التي لا تلد ولا تترك عقبا خلفها، أَو كالريح العقيم: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} (?) ولا تترك خلفها زرعا ولا ضرعا.