وفي البحر لأَبي حيان: أَن هذه القصة سئل عنها الإِمام محمد بن إِسحاق جامع السيرة النبوية فقال: إِنها من وضْع الزنادقة، وصنف في ذلك كتابا.

أَما القول بأَن الشيطان أَجراها على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو أَفحش ما يقوله زنديق، وأَوهن من بيت العنكبوت، فلا يصح أَن يجبره الشيطان عليها، لأَنه ليس له سلطان على عباد الله الصالحين، فكيف يكون له سلطان على رسوله، ولا يصح أَن يكون أَجراها على لسانه سهوا وغفلة، لأَنه لا تجوز على الرسول الغفلة والسهو في تبليغ الوحى، ولو جاز عليه مثل ذلك لبطل الاعتماد على قوله، وكل ذلك مستحيل عقلا، كما أَنه مستحيل شرعًا، لقوله تعالى:

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ولقوله: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}.

وبعد أَن عرفت أَن قصة الغرانيق مفتراة، اخترعها الزنادقة لمحاربة الإِسلام،

فعليك أَن تتمسك بتفسيرنا السابق للآيات الثلاث، والله تعالى ولى التوفيق.

{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015