يا محمد مما يأْتى به شياطين قومك من السعى بالباطل في آيات الله معاجزين بتسويل الشيطان الرجيم، أُولئك أَصحاب الجحيم، وأَباطيلهم إِلى زوال.
53 - {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}:
هذه الآية مرتبطة بفحوى الآية التي قبلها، وكأَنه قيل: وما أَرسلنا قبلك يا محمد من نبى ولا رسول إِلا عاداه الشيطان وحاربه في أُمنيته ورسالته لقومه، فجعل يلقى الشُّبَهَ فيما يقرؤُه ويريده لقومه من الهدى فينسخه الله ويرده، ليجعل الله ما يلقيه الشيطان فتنة وامتحانا للذين أَظهروا الإِيمان برسولهم أَو نبيهم وفي قلوبهم مرض من شك ونفاق, وللقاسية قلوبهم من الكفار المجاهرين بكفرهم، فيَحْذَرَهُم الأَنبياءُ وَيَجِدُّوا في كفاحهم، وإِن الظالمين لفى شقاق بعيد، وعداءٍ للحق شديد، فلا تجزع لما يحدث من قومك يا محمد، فشأْنهم معك كشأْن سائر الأُمم مع الأَنبياءِ والمرسلين قبلك، والعاقبة للصابرين المجاهدين.
54 - {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}:
{وَلِيَعْلَمَ} معطوفة على قوله: {لِيَجْعَلَ} في الآية السابقة، داخلة معها في حيز التعليل.
والمعنى: أَن الشيطان كان يلقى الشُّبَهَ فيما يقرؤُه الأَنبياءُ والمرسلون قبلك على أُممهم، وما يريدونه من الهدى لهم، فينسخها الله ويبطلها، ليجعل ما يلقيه الشيطان امتحانا للمنافقين والكافرين القاسية قلوبهم، فيظهر أَمرهم لأَنبيائهم فيحذروهم ويجاهدوهم، وليعلم الذين أُوتوا العلم في كل النبوات والرسالات، بما أُوتوا من الهدى ونور القلوب، وبما أَنزله الله من رَدِّ شُبَهِ الشياطين ونسخها - أَي إِبطالها - فيثبتوا على إِيمانهم، ويزدادوا إِيمانا فوق إِيمانهم، وإِن الله لهادى الذين آمنوا في كل الرسالات إِلى طريق مستقيم من