{فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ}: يزيل من النفوس وساوسه التي يوسوس بها.
{ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ}: يحفظها من التأْثر بوساوس الشيطان.
{فِتْنَةً}: اختبارًا وامتحانا. {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: قلق أَو شكٌّ ونفاق.
{وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} المراد بهم: المشركون المجاهرون.
{لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}: لفى خلاف بعيد عن الحق. {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ}: فتطمئن.
التفسير
52 - {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}:
بَيَّن الله في الآيات السابقة أَن أَهل مكة كذبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأَنه تعالى توعدهم بأَن يصيبهم من العقاب ما أَصاب المكذبين للرسل قبلهم، ودعاهم إِلى أَن ينظروا ما أَصاب ديارهم حولهم من الخراب والدمار، فاستعجلوا الرسول بالعذاب الموعود، بدلا من الاتعاظ والاعتبار بهم، فبيَّن الله أَن أَمر تعذيبهم بيده، وأَنه لا يخلف وعده، وأَنهم إِن أُمهلوا فلن يُهْمَلوا، فازدادوا ضراوة في العدوان على كتاب الله، فسعوا في آياته معاجزين معوِّقين المؤْمنين عن الوصول بها إلى قلوب الناس، فزعموا أَنها شعر وسحر وأَساطير الأَولين، واشتدوا في إيذاءِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وإِيذاءِ أَصحابه تعويقا وتعجيزا لدعوة الحق، فأَنزل الله تعالى هذه الآية وما بعدها تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأَصحابه، فقد بَيَّن فيها أَن كل الأَنبياءِ والمرسلين قبله أَصابهم من تعويق دعوتهم ومحاولة تعجيزهم في رسالتهم مثل ما أَصابه، ثم انتصر حقهم على باطل خصومهم وزالت فتنة هؤُلاءِ الشياطين الذين حاولوا إِبطال دعوتهم، وأَحكم الله آياته في نفوس أَهل الحق، فازدادوا إِيمانًا فوق إيمانهم، وإليك فيما يلى تفصيل ما أَجملناه:
يقول الله تعالى في هذه الآية: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} وهذا النص يقتضي أَن النبي غير الرسول، وأَن الله أَرسلهما لهداية البشر، وأَن لكل م