بعض آناء اليل وأوقاته، وصلاتي الظهر والمغرب في أَطراف النهار، فصلاة الظهر في آخر طرف النصف الأول وأول الطرف الثاني، وذلك وقت زوال الشمس عن كبد السماءِ وصلاة المغرب في آخر طرف النصف الثاني منه، ولهذا قال سبحانه (أطراف) بصيغة الجمع، ويصح أَن يراد من الجمع ما فوق الواحد، أي وطرفى النهار، وقت الزوال ووقت الغروب ..
131 - {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}:
بعد ما أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - في الآية السابقة بالصبر على ما يقوله المشركون في حق آيات ربه، والاشتغال عن سفههم بتسبيح ربه وحمده، نهاه في هذه الآية عن التطلع إلى ما هم عليه من زينة الحياة الدنيا، فإنها فتنة لهم.
والمقصود من نهيه عن ذلك دوام التنزيه بما هو عليه من عدم التطلع إلى زينة الحياة الدنيا التي يتحلى بها المشركون، وتبصير المؤْمنين بأن ما عليه المشركون من غنى ويسار إِلى زوال، وما هو إلا فتنة لهم، فلا يتطلعون اليه، ولا يهتمون به، وأَن رزق الله ومثوبته على الإِيمان والإيذاء خير مما هم عليه ..
والمعنى: قد أغنيتك بطاعتى وآياتى، فاصبر على ما يقولون في شأْنها وشأنك، ودُمْ على ما أنت عليه من عدم النظر إِلى ما متعنا به أَمثالا من المشركين متزاوجين - أَي متماثلين في الغنى والجاه، حيث أَعطيناهم زهرة الحياة الدنيا وزينتها، لنفتنهم في هذا المتاع، فهو إلى زوال، وما يرزقك الله في الدنيا من النصر والفتح والغنائم، وفي الآخرة من الثواب على الصبر وقلة المبالاة بدنياهم، أَبقى مما هم عليه من الثراء والجاه الفانى، وعلى المؤْمنين أن يقتدوا برسولهم فيما هو عليه من الزهد في دنياهم وعدم التطلع إِليها، فسيرزقهم الله في دنياهم وأُخراهم ما هو أَجدى عليهم وأَبقى مما يتمتع به المشركون: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} (?).