ومن المفسرين، من جعل انكشاف عورتيهما مرتبا على الأَكل من الشجرة، لمصلحة أُخرى وليس عقابًا (?).
{وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}: وشرعا يلصقان على عورتيهما من ورق الجنة لسترها. حياءً وخجلا ..
{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}: وخالف آدم بذلك أَمر ربه فضلَّ عن مطلوبه وهو الخلود في الجنة، أو عن المطلوب منه وهو ترك الأكل من الشجرة، أَو عن الرشد باغتراره بوسوسة عدوه. وقد عرفت أَن أَكله من الشجرة كان بنوع من التأْويل كما تقدم بيانه، وسمى ذلك عصيانا لعلو منصبه عليه السلام الذي يقتضي مزيد الانتباه لكيد عدوه، وعدم تصديقه في مزاعمه.
ومن العلماءِ من فسر ظهور سوآتهما ومحاولة سترها بأَنهما لما ذاقا الشجرة وقد نهيا عن الأَكل منها ظهر لهما أَنهما قد زَلَّا وخلعا ثوب الطاعة. وبدت منهما سوأَة المعصية، فاستولى عليهما الخوف والحياءُ من ربهما. وأَخذا يفعلان ما يفعل الخائف الخجل عادة من الاستتار والاستخفاء حى لا يُرى، وذلك بخصف أَوراق الجنة عليهما ليستترا بها.
122 - {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}:
ثم أَلهم الله آدم التوبة، فتاب إِلى ربه فاختاره الله وتاب عليه واصطفاه وقربه إِليه ..
123 - {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ .... } الآية.
قال الله لآدم بعد أَن أَكل من الشجرة: اهبط أَنت وزجك من الجنة إِلى الأَرض، وقد أمر بذلك تنفيذا لحكمة الله من خلق آدم وحواءَ، وهى استخلافه وذريته في الأَرض كما قال تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} سورة البقرة.
{بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}: هذا إِخبار من الله لآدم بعداوة إبليس له ولذريته إِلى يوم القيامة. ويجوز أَن يكون المعنى: بعض أَولادكما لبعض عدو، وأُسندت العداوة إِلى آدم وحواءَ لأنهما منشأُ أَولادهما المتعادين.