117 - {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}:

أَي فقلنا عقب امتناع إِبليس عن السجود لآدم - قلنا له - تحذيرا وإرشادًا: إِن هذا عدو لك وعدو لزوجك فاحترسا منه، فلا يكونن سببا لإِخراجكما من الجنة فتتعب أَنت وزوجك بمتاعب الدنيا التي لا تكاد تحصى، وتشقى بكثرة التعب والنَّصَب فيها.

118، 119 - {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}:

إِنك في الجنة في عيش رغيد هنىءٍ فلا تعب ولا مشقة، فأَنت في دار كرامة لا يصيبك فيها شىءٌ من الجوع أو العرى، فالغذاءُ فيها يأْتيك بمجرد الرغبة لا عن جوع، والكساءُ الفاخر فيها يأْتيك كذلك لا عن احتياج، لا يصيبك فيها الظمأُ أَو حر الشمس، لأن شرابها تابع للإِرادة لا عن عطش، ولأَن ظلها دائم {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} (?).

فاجتمعت لك فيها الأَسباب التي توفر الراحة للإنسان، وتجلب له السعادة، فاحرص عليها، وحافظ على البقاء فيها، وابتعد عن كل ما يؤدى بك إلى الخروج منها.

120 - {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}:

ولكن الشيطان وهو عدوه المتربص به، الواقف له بالمرصاد، لم يتركه يعيش في هذا النعيم حسدا له عليه، فأَخذ يخطر له في نفسه خطرات من الأمانى الكاذبة، ويهمس له بها همسا خفيا قائلا: إِنى سأَدلك على شجرة إن أكلت منها خلدت ولم تمت، وملكت ملكا لا يفنى.

121 - {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا}: فتأول آدم نهى الله عن الأَكل من الشجرة، بأَنه نهى عن شجرة بعينها، وهى التي أُشير إِليها في قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} (?). ولم يحملها على الجنس، فأكل من جنسها هو وزوجه ولم يأْكل منها نفسها، فانكشفت لهما عوراتهما - وكانت مستورة عن أَعينهما - عقابا لهما على الأَكل منها، فقد كان الأَجدر به أن يفهم من النهي عمومه لجنس الشجرة لا خصوصه بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015