هو الإسكندر، ثم قال وفيه إشكال، فإنه كان تلميذًا لأرسططاليس الفيلسوف, وكان على مذهبه، فتعظيم الله له يوجب الحكم بأن مذهب أرسطو حق، وهذا مما لا سبيل إليه، وأجاب الرازى عن هذا الاعتراض بما خلاصته أنه ليس كل ما ذهب إليه الفلاسفة باطلا، فلعله أخذ منه ما حسن، وترك منه ما لم يحسن.
ويقول الآلوسى في تأييد هذا الفهم: إن الحكماء تشاوروا في أَن يسجدوا له إجلالا وتعظيمًا، فقال لهم: لا يجوز السجود لغير الله - كما نقله الشهرستاني - ويلاحظ أن الإسكندر كان موجودًا قبل مبعث عيسى - عليه السلام - بثلثمائة سنة كما نقله الآلوسى عن بعض المؤَرخين.
وهناك من قال: إِنه رجل يمانى ملك الأرض كلها. فقد ذكر أبو الريحان المنجم في كتابه (الآثار الباقية عن القرون الخالية): أن ذا القرنين هو أبو كرب ابن عمير بن امرىء القيس ابن أفريقش (?) وهو الذي افتخر به تُبّع اليمانى في قوله:
قد كان ذو القرنين جدى مسلمًا (?) ... ملكًا علا في الأرض غير مقيد
بلغ المغارب والمشارق يبتغى ... أسباب ملك من حكيم مرشد
فرأَى مآب (?) الشمس عند غروبها ... في عين ذى خُلَبٍ (?) وثأْطة (?) حَرْمَدِ
ثم قال أبو الريحان: ويشبه أَن يكون هذا القول أقرب، لأن الملقبين بكلمة (ذى) كانوا من اليمن، كذى المنار وذى نواس وذى يزن، واختار هذا القول (كاتب حلبى) وذكر أنه كان في عصر إبراهيم عليه السلام، وأنه اجتمع معه بمكة وتعانقا.
وهناك من يرى أن ذا القرنين هو غورش الفارسى، ويسميه اليهود (كورش) ويسميه اليونانيون (سانرس) وإطلاق ذى القرنين عليه عند أصحاب هذا الرأى ناشئٌ من رؤيا رآها النبي دانيال في منامه، خلاصتها أن كبشًا كان واقفًا على شاطىء