{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} (?). أما هؤُلاء المشركون فهم الذين ظلموا أنفسمهم بالإِصرار على الكفر والعناد فاستحقوا سوء الجزاء، ولكنه تعالى يتأتي بهم، ولا يتعجل معهم - كما قال:
{لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ}: أي أَنه لسعة رحمته لو يؤَاخذهم بظلمهم لعَجَّل عقابهم، ولكنُه أمهلهم لعلهم يرجعون إلى الصواب، ويفيئون إِلى الرشاد.
{بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا}: وهذا الإِمهال موقوت بأجل معدود {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ} (?). فإذا حان الأَجل وهم مصِرُّون على كفرهم وعنادهم أخذهم الله بعقابه الأليم حيث لا يجدون ملجأ للنجاة والخلاص. {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ}.
59 - {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا}:
المراد بالقرى هنا أهلها، والمعنى: وأَهل تلك القرى المهلكة المعروفة، من قرى عاد وثمود وقوم لوط عصوا ربهم، وكذبوا رسله فأمهلهم لعلهم يؤمنون، فلما أصروا على الكُفر وأمعنوا في الضلال أخذهم الله بعذاب الهلاك والاستئصال في الموعد الذي حدده لهم {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (?)}.
روى الشيخان والترمذي وابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إِذَا أخَذه لم يُفْلِتْه".
قصَّ اللهُ سبحانه علينا في الآيات التالية قِصَّة موسى والعبد الصالح وقد رأَينا أَن نقدم لها ما يعين على إِدراك أَهدافها السامية: