هذه السورة مكية بتمامها عند الجمهور، واستثنى بعضهم أَربع آيات فإنها مدنية وهي قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ}. وقوله: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ}، وقوله: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ}. وقوله: {وقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} وقيل غير ذلك، وسيأتي تحقيقها في مواضعها، وعدد آياتها إحدى عشرة ومائة آية.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها وسورة الزمر كل ليلة، كما أَخرجه الإِمام أَحمد والترمذي وحسنه والنّسائي وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها، وكما تسمى سورة الإسراء تسمى سورة بني إِسرائيل، لكثرة ما ذكر فيها من الحديث عنهم.
قال الجلال السيوطي: لما قال الله سبحانه في آخر النحل {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}: ذكر في هذه شريعة أهل السبت التي شرعها لهم سبحانه في التوراة، فقد أَخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنه قالَ: إن التوراة كُلها في خَمْس عشرةَ آية من سُورة بني إِسرائيل، وذكر تعالى فيه عصيانهم وإفسادهم وتخريب مسجدهم، واستفزازهم النبي صلى الله عليه وسلم، وإِرادتهم إخراجه من المدينة، وسؤالهم إياه عن الروح، ثم ختمها جله شأنه بآيات موسى التسع، وخطابه مع فرعون وأَخبر سبحانه أَن فرعون أراد أَن يستفزهم من الأرض فَأهلِك ... الخ.
اشتملت هذه السورة الكريمة على مقاصد كثيرة نذكر منها ما يلي:
1 - إسراء الله بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إِلى المسجد الأقصى ليطلعه على بعض آياته العظيمة.
2 - وإِيتاء بني إسرائيل التوراة ليعبدوا الله وحده ويهتدوا بهداه، ولكنهم ضلوا وأفسدوا في الأرض مرتين إفسادا شنيعا، فبعث الله من عباده الأقوياء أَهل الشدة والغلبة