الأنصار: لئِنْ أَصبنا منهم يوما مثل هذا لنرْبيَنَّ عليهم في التمثيل, فلما كان يوم الفتح نزل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} الآية. فقال رجل .. لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. كفوا عن القوم إلا أَربعة .. أخرجه الترمذي.

وفي رواية عن أُبيٍّ أَيضا .. " ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. نصبر ولا نعاقب" والآية - بناءً على هذا السبب نزلت .. في فتح مكة, وتسمى مدنية على الأرجح وهو أَن كما ما نزل بعد الهجرة فهو مدني وإن نزل بمكة وقال القرطبي: وتبعه الأَلوسى: أطبق جمهور أَهل التفسير أن هذه الآية مدنية لما شق على المسلمين ما رأوا من تمثيل المشركين بقتلاهم، في غزوة أحد فتوعدوهم بأزيد مما فعلوا, إذا ظفروا بهم!! وقال النحاس: إِنها مكية, والمعنى متصل بما قبلها من المكي اتصالا حسنا, ثم قال القرطبي: ولكن ما قاله الجمهور من أنها مدنية أثبت، وساق حديثا رواه الدارقطني عن ابن عباس مؤيدا لما ذهب إِليه الجمهور من مدنيتها.

وسواء أكانت هذه الآية الكريمة مكية أم مدنية، وسواء أصح نزولها في شأن التمثيل بحمزة أم لم يصح، فإِن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ..

ووجه اتصال هذه الآية بقوله تعالى قبلها: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} الآية.

أن الدعوة إِلى الله سبحانه لا تكاد تخلو من مخاصمة الأَعداء .. ومقابلتهم لها بالعداوة والإيذاء, لأنها تتضمن رفض عقائدهم الباطلة الموروثة, ونبذ عاداتهم السيئة المورثة, ولما كان هذا شديدا عليهم وباعثًا لهم على الخصومة الشديدة، فلهذا أَمر الله تعالى نبيه وأَصحابه أَن يقابلوا إِساءتهم بمثلها إِن أرادوا عقابهم عليها - والمعنى: وإِن أردتم أيها المؤْمنون عقاب من يصدكم عن دين الله, ويعتدي عليكم وأنتم تدعونه إِلى سبيل الله، فعاقبوه بمثل ما فعل بكم، وما ناله منكم، ولا تجاوزوا هذا المثل بحال، كما قال سبحانه: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (?) وليس ما فعله العدو أولًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015