{اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}:
أَي اختاره ربه واصطفاه، وهداه إِلى الطريق الموصل إِليه سبحانه وهو الإِسلام: دين الله الذي أَرسل به جميع رسله قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (?). وقال سبحانه: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (?).
وإجتباءُ الله للعبد: تخصيصه إِياه بفيض إِلهي يحصل له منه أنواع من النعم بلا سعي ولا اجتهاد، ويكون للأنبياء عليهم الصلاة والسلام خاصة، وقيل يكون لهم ولمن على سنتهم من الصديقين.
وهداية الله ولإبراهيم عليه السلام، كان لها أثران عظيمان: أحدهما في نفسه، والثاني في قومه، حيث دعاهم إلى دين الله وأَرشدهم إلى آيات ربه.
122 - {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ... } الآية.
أَي أعطيناه في الدنيا نعمة حسنة إذ جعلناه قدوة لجميع أَهل الأَديان السماوية، وأَورثناه ثناءهم عليه وحب الانتساب إليه، تحقيقًا لدعائه عليه السلام إذ قال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (?). وللعلماءَ أَقوال في تفسير الحسنة التي أَعطاها الله خليله إبراهيم في الدنيا فعن الحسن - أَنها النبوة وقيل هي الأولاد الأَبرار على الْكِبر، والمال الكثير ينفقه في وجوه الخير والبر؛ والعمر الطويل في السعة والطاعة، وقد من الله عليه بكل ذلك في الدنيا.
والانتقال إِلى ضمير المتكلم في قوله سبحانه: {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}. لإِظهار الاعتناء بشأنه, وتفخيم مكانه عليه السلام.
{وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}:
أي داخل في عداد إخوانه المرسلين، الكاملين في الصلاح، ذوى الدرجات العلا، تحقيقًا لدعوته إِذ قال: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (?).