التحليل والتحريم, مع قولهم نحن على ملة أبينا إبراهيم، جاءَت هذه الآية للثناء على إِبراهيم ووصفه بصفات تدل دلالة قاطعة على أنه عليه السلام، بريءٌ من الشرك والمشركين وأنهم أعق الأبناء لأَكرم الآباء.
المعنى: إن إبراهيم كان أمة أي بمنزلة جماعة عظيمة في الإيمان باللهِ وحده والإِخلاص له في العبادة. قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان عنده من الخير ما كان عند أمة اهـ: وذلك لاستجماعه من الخيرات والفضائل ما لا يكاد يوجد إلا متفرقا في أمة عظيمة.
ليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
فهو إمام الموحدين , وقدوة أَهل اليقين، نصب أدلة التوحيد ورفع أعلامه، وخفض رايات الشرك وحطَّم أصنامه، وبذل نفسه وأسلم وجهه لله رب العالمين. وقال مجاهد: سمِّى عليه السلام أُمة، لانفراده بالإيمان في وقته مدةً ما. وفي صحيح البخاري ومسلم أنه قال لامرأته: يا سارَّة، ليس على وجه الأرض مؤْمن غيري وغيرك ..
{قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}:
أي مطيعًا لله سبحانه، مائلا عن كل دين باطل إلى دين الحق غير زائل عنه.
{وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} في أَمر من أمور دينهم، صرح بذلك مع ظهوره للرد على كفار قريش في قولهم: نحن على ملة أبينا إبراهيم، وزعمهم أَنه عليه السلام كان علي ما هم عليه.
121 - {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ}:
أي كان إبراهيم عليه السلام شاكرًا لنعم ربه كلها عليه, لم يخلَّ بشكر نعمة منها قولًا أو عملا. وفي هذا تعريض بالمشركين، وإيذان بأنهم في شركهم باللهِ وإسنادهم النعم لشركائهم ليسوا على منهاج أَبيهم إِبراهيم عليه السلام.