لأَن يوم القيامة طويل وفيه مواقف فيسأَلون في بعض المواقف ولا يسأَلون في بعضها. وفي التعرض لوصف الربوبية مضافًا إِلى ضميره عليه الصلاة والسلام، من تسليته واللطف به، ما لا يحتاج إِلى بيان.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إِلى الله تعالى سرًّا حتى نزلت هذه الآية:
94 - (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ):
أَي اجهر بما يأْمرك الله به، وأَعلِنْ رسالته التي أَرسلك الله بها إِلى الناس كافَّةً، ولا تبال بالمشركين وأَذاهم فالله حافظك وناصرك وعاصمك، كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" (?).
ولما كان المستهزئون بالدعوة هم أَكبر المعوِّقين لها والصادِّين عن سبيل الله - وعده الله سبحانه أَن يهلكهم ويكفيه شرهم فقال:
95 - (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ):
الذين يستهزئون بك وبالقرآن!
والمستهزئون نفر من رؤساء كفار قريش، اختُلف في عدَّتهم وفي أَسمائهم، والمشهور أَنهم خمسة، وكانوا يبالغون في إِيذاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاستهزاءِ به. وبالقرآن، وهم: الوليد بن المغيرة المخزوى وهو رأَسهم، والعاصي بن وائل السهمى، والأَسود بن الطَّيب، والأَسود بن عبد يغوث، والحارث بن قيس، وقيل غير ذلك.
غير أَن المعلوم في شأْنهم أَنهم كانوا طائفة ذات قوة وشوكة، لأَن أَمثالهم هم الذين يجترئون على مثل هذه السفاهة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في علو منصبه وعظيم قدره في عشيرته. وقد وصف الله المستهزئين، وأَكد وعده لرسوله بأَنه سيكفيه شرهم فقال سبحانه: