وذكر ابن كثير أَن النص الصحيح على أَن فاتحة الكتاب هي السبع المثانى، لا يمنع عن وصف السبع الطول بما اتصفت به الفاتحة. بل لا يمنع من وصف القرآن كله، بأَنه مثانٍ، وقد قال تعالى: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ" (?).

ولما كان متاع الدنيا وإِن عظم، شيئًا ضئيلا حقيرا بالقياس إِلى ما أَنعم الله به على نبيه من نعمة القرآن الكريم - نهاه أَن يطمح ببصره طموح راغب في هذا المتاع فقال:

88 - (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ... ) الآية.

أَي لا ترغب في متاع الدنيا وزخرفها مما متعنا به أَصنافا من الكفرة المشركين وأَهل الكتاب؛ واستعن بما آتَاك الله من القرآن العظيم عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية؛ كقوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (?).

وكان صلى الله عليه وسلم يود أَن يؤْمن كل من بعثه الله إِليهم، ويشق عليه - لمزيد شففته - بقاءُ الكفرة على كفرهم فقال الله له رحمة به:

(وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) كقوله: "فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ" (?) أَي لا تحزن ولا تتحسر إِذا لم يؤْمنوا فما عليك إِلا البلاغ وقد بلغت، فلا تبال بهم بعد ذلك.

(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ): أَي تواضع لمن اتبعك من المؤمنين وارفق بهم واصبر نفسك معهم. فإِنهم أَولى بك من أُولئك الجاحدين، وإِنك بالمؤمنين رؤوف رحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015