أَولى بك إِلى أَن يحكم الله بينك وبينهم وهوخير الحاكمين. ثم امتن سبحانه على نبيه صلى الله عليه وسلم بالمنة العظمى، وهى إِنزال القرآن عليه فقال:
87 - (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ):
أَي ولقد أَنعمنا عليك إِذ أَنزلنا إِليك فاتحة الكتاب، وهى سبع آيات تُثنَّى وتكرر في الصلوات الخمس وغيرها ويُثنى بها على الله عز وجل؛ وهى القرآن العظيم.
وتخصيص الفاتحة بالذكر واعتبارها القرآن الكريم؛ لمزيد فضلها ورفيع مكانتها، ولاشتمالها على مقاصد القرآن كله.
وقد روى البخاري (?) عن أَبي سعيد بن المعلَّى أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال له وهما في المسجد: لأُعَلِّمنَّك سورة هي أَعظم السور في القرآن ... الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثانى والقرآن العظيم الذي أُوتيته.
وروى البخاري أَيضًا عن أَبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُم القرآن هي السبع المثانى والقرآن العظيم".
فكل من هذين الحديثين الصحيحين نص صريح في أَن فاتحة الكتاب هي السبع المثانى وأَنها القرآن العظيم. والقرآن كما يطلق على الكتاب العزيز كله يطلق عل بعضه.
وذكر المفسرون جملة أَقوال أُخرى في المراد بالسبع المثانى، أَصحها وأَقواها ما رُوى عن جمع من الصحابة والتابعين، وفي مقدمتهم ابن مسعود وابن عمر وابن عباس ومجاهد وسعيد بن جُبير رضى الله عنهم، إِذ قالوا، إِنها السبع الطُّول (?) أَطول سور القرآن الكريم كله: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأَنعام والأَعراف، والسابعة الأَنفال وبراءَة، فهما عندم سورة واحدة ولذا لم يفصل بينهما بالبسملة.