(السِّقَايَة): المشربة الثى يُشْرَبُ بِها، وهي والصواع شىءٌ واحد، قال الشاعر: نشرب الخمر بالصُّواع جهارًا.
(رَحْلِ أَخِيهِ): المراد به وعاءُ الطعام الخاص بأخيه بنيامين. (أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ): نادى مناد.
(أَيَّتُهَا الْعِيرُ): العير هي الأَبل التي عليها الأحمال، والمراد بندائها نداءُ أَصحابها، وقال أبو عبيد هي الإبل المَرْحُولَةُ المركوبة. (زعيم): كفيل وضمين.
التفسير
70 - (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ في رَحْلِ أَخِيهِ):
تقدم بيان أَن يوسف عليه السلام عقد العزم على استقدم آل يعقوب إِلى مصر بعد أَن وفد إِخوته عليه أَول مرة ليحصلوا على الطعام لذويهم، وكانوا قد حدثوه عن أَخ لهم من أَبيهم هو بنيامين، ولعلهم طلبوا له طعاما، فطلب منهم أَن يحضروه معهم في المرة المقبلة ليأُخذ طعامه بنفسه، ولهذا قالوا لأبيهم حين طلبوه منه بعد عودتهم من مصر: {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ}. أَي نزداد قيل بعير من أَجل بنيامين فلما حضروا به في المرة الثانية وأَراد يوسف أَن يستبقيه، لم يجد سببا لاستبقائه عنده إِلا أَن يأَمر بدس إِنائه الذي يشرب به في رحل بنيامين، وكان إِناءً ثمينًا يمكن الاتهام بسرقته لارتفاع قيمته فلهذا جعل ذلك الإِناءَ المعبر عنه بالسّقاية في الآية - جعله في رحل أخيه بنيامين أَي وعاءِ طعامه، وسيأْتى الكلام عن الحكمة في اختياره هذا السبب لاستبقائه لديه.
(ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ):
أَي ثم بعد أَن جعل السقاية في رحل بنيامين وركب إِخوة يوسف دوابهم، نادى منادٍ فيهم يا أَصحاب العير إِنكم لسارقون، ولم يعين لهم ما سرقوه في ندائه ليستدعى كامل انتباههم، ويَظْهَرُ - والله أَعلم - أَن هذا الذي حدث كان بموافقة من بنيامين ليبقى عند أَخيه يوسف حتى يأْتي والده وأُسرته.