المفردات:
{مِنَ الْمُمْتَرِينَ}: من الشاكِّين.
التفسير
94 - {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ ... } الآية.
بعد أن تحدثت هذه السورة عن قصص بعض المرسلين مع أُممهم، وآخرها قصة موسى مع فرعون وقومه، جاءَت هذه الآية تطالب من يشك في صدق هذه القصص التي ساقها الله للعبرة، وللدلالة على صدق محمد في نبوته، تطالبه بأن يسأل الذين يقرءُون الكتاب من علماءِ اليهود والنصارى، ليتأكد من وجودها في كتبهم، وليحمله ذلك على الإيمان بنبينا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - فالخطاب في قوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك} .. إِلخ موجه إلى من يتعرض للشك من الأُمة التي أُرسل إِليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس موجهًا للنبي - عليه الصلاة والسلام - لما سنبينه فيما يلي:
اعلم أَن القرآن كما أُنزل إِلى الرسول وحيًا وتبليغًا أنزل إِلى أُمته أَفرادًا وجماعات عملًا وتكليفًا، فمن الأَول قوله تعالى في سورة النحل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (?) وقوله في سورة النساءِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ .... } (?) ومن الثاني قوله تعالى خطابًا للأُمة: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (?) وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ} (?).
والمعنى: فإن كنت أَيها المكلف من أُمة الدعوة المحمدية، في شك من صدق ما أَنزلناه من هذه القصص على رسولنا إِليك لتعرف به صحة نبوته ورسالته - صلى الله عليه وسلم - فأسأل علماء اليهود والنصارى الذين يقرءُون كتبهم ويعرفون أَن هذه القصص قد وردت بها منقولة من جيل إلى جيل قبل وجودك، حتى تعلم من وجودها قديمًا في كتبهم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - صادق في نبوته، وَثِقَةٌ في رسالته، فإنه أُمى لا يقرأ ولا يكتب