ثم سرَّى الله عن نبيه، فقال: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} - أي - مثل ذلك القول السقيم، قال الذين كانوا قبلهم من الأمم السابقة، أو من اليهود والنصارى، إذ قالوا: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً (?)} وقالوا: {لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ (?)} وقالوا: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ (?)} وقالوا: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ (?)}.

{تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} أي: تشابهت قلوب السابقين مع قلوب اللاحقين في الكفر، والإعراض عن الحق، والعناد، والمكابرة. والمعنى: أن تشابه أقوالهم نابع من تشابه قلوبهم.

{قدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي: يطلبون اليقين، وهو العلم الذي لا يخالطه شك، وذلك بالنظر والاستدلال.

ولم يتعرض للرد على طلبهم تكليم الله، لظهور بطلانه.

{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)}

المفردات:

(بشيرًا ونذيرًا) أي: مخبرًا لمن آمنوا بما يسرهم من الثواب، ومنذرًا لمن كفروا بما يحزنهم من العقاب.

(الجحيم): النار، إذا شب وقودها واضطرمت.

التفسير

119 - {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ ... } الآية.

هذه الآية تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبيان لمهمته، كي يتوجه إليها بكلِّيَّتِهِ، ولا يلتفت إلى معارضيه من أهل الكتاب والمشركين، بعد ما سجل تعنتهم.

إنا أرسلناك أيها الرسول، بالدين الحق، المؤيد بالبراهين، إلى أهل الأرض جميعًا {بَشِيرًا} أي: مبشرًا من آمن بصلاح الحال وحسن المآل {وَنَذِيرًا}: ومنذرًا من كفر بعذاب الجحيم، ليختاروا ما أحبو لأنفسهم. ولست مجبرًا لهم على الإيمان، فلا عليك إن أصرُّوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015