والأمر عنده تعالى أيسر من ذلك، فالخلق عنده لا يتوقف على أن يأمر بـ (كنْ)، بل يتوقف على الإرادة والمشيئة، فإذا أراد شيئًا كان كما أراد في حينه ومكانه.
{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)}
التفسير
118 - {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ... } الآية.
بعد أن حكى الله - سبحانه - عن الكافرين اعتقادهم أن لله ولدًا، حكى هنا تعنتهم، وطعنهم في نبوة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
اختلف المفسرون في المراد من: {الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} فقال ابن عباس: هم اليهود. وقال مجاهد: هم النصارى. وأكثر أهل التفسير على أنهم مشركوا العرب. لقوله حكاية عنهم: {فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} (?). وعبر عنهم بالذين لا يعلمون، استهجانًا لذكرهم، لقبح ما صدر عنهم، ولأن ما يحكي عنهم لا يصدر إلا عن الجهلاء. وفي التعبير بالفعل: {لَا يَعْلَمُونَ} تيئيس من علمهم، فهم لن يتجدد لهم علم - مع تجدد الآيات والعبر والعظات - لغباوتهم.
{لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ} أي: هلَّا يكلمنا الله بغير واسطة: آمرًا وناهيًا، أو مصدقًا على نبوتك.
{أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ}: المراد من الآية: ما اقترحوه من جعل "الصفا" ذهبًا. ورُقِيِّه في السماء وغيرهما مما حكاه الله عنهم بقوله: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} (?).
وهذا منهم غاية في الجحود والإنكار، لاستهانتهم بما أنزله الله عليهم من آيات، وبما أيده به من معجزات.