والمعنى: ومن المتخلفين عن غزوة تبوك من أَهل المدينة ومن حولها من الأَعراب، قوم آخرون غير المعترفين المذكورين، لم يحاولا أَن يختلقوا أَعذارًا، وأَن يكذبوا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهؤلاءِ مرجئون ومؤخرون لأَمر الله في شأْنهم، إِما أَن يعذبهم لتخلفهم عن غزوة تبوك بدون عذر وقد دعوا إليها، وكانت آخر مغازيه صلى الله عيه وسلم، وإما أَن يقبل توبتهم بعد أَن تتمحص نفوسهم وتخلص قلوبهم من الإِخلاد إلى الدعة، وإِيثار ذلك على الجهاد، والله واسع العلم، فيعلم أَحوالها ويعامله بمقتضاها، حكيم فيما فعل بهم من الإِرجاء وما بعده، حتى يعودوا إلى مثل ذلك، وليكون أَمرهم عبرة لغيرهم.
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107)}
المفردات:
(ضِرَارًا): مضارة للإِسلام وأَهْلِه.
(وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ): أَي فَصْلًا بينهم، بصرف بعضهم عن مسجد قباء الذي يجمعهم ويوحد كلمتهم.
(وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ): وانتظارًا للراهب الفاسق الذي حارب الله ورسوله ليصلى فيه.
(الْحُسْنَى): أَي الخصلة الحسناء.
التفسير
107 - (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) الآية.
نزلت هذه الآية في جماعة من المتخلفين عن تبوك، بنوا مسجدًا غير مسجد قباء، بقصد المضارة وتفريق المؤمنين.