وقد جاءَ التَّوَفِّى بهذا المعنى، في قوله تعالى: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ... } (?).
ولا ينبغي أَن يحمل على الإِماتة؛ لأَن إِماتة عيسَى - في الوقت الذي كان فيه بنو إِسرائيل يتربصون له , ويتحينون الفرصة للفَتْك به - ليس فيها تكريم له.
{كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}:
كنت أَنت المطلع عليهم دونى، والعليمَ بأَحوالهم؛ لأَنى شَهِدتُ من أَفعالهم ما عملوه مدة وجودى معهم.
{وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}:
أي: أنت وحدك المحيط علمًا بكل شيء. فلا تخفى عليك أَحوالهم ولا أَحوال غيرهم.
118 - {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}:
أَي: إِن تعذبْ من أَرسلتنى إِليهم وقمتُ بتبليغهم ما أَمرتنى به من توحيدك وعبادتك، فآمن منهم مَنْ آمَن، وكفر منهم مَنْ كَفر - فإِنما تعذب بالعدل من يستحق التعذيب، لكفرهم بعد وجوب الحجة عليهم، وإِن تغفرْ لمن آمن - وكان أَهلا لفضلك - فذلك تَفَضلٌ منك وأَنت العزيز الغالب لا يمتنع عليك ما تريد. الحكيم في تَصرفك وصُنْعِك: تضع كل جزاء في موضعه.
{قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)}.