ونحملهما. ونُخالف بين وجوههما. ويطاف بهما. قال فأَتُوا بالتوراة إن كنتم صادقين.
فجاءُوا بها فقرءُوها، حتى إذا مرُّوا بآية الرجم، وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم وقرأَ ما بين يديه وما وراءَها. فقال له عبد الله بن سلام - وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - مُرْة فليرفع يديه، فرفعهما فإِذا تحتهما آية الرجم: فأَمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَرُجِمَا.
وروى أحمد عن البراءِ بن عازب قال: مُرَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أي جيء إليه بيهودى محمم (?) مجلود. فدعاهم. فقال: أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ فقالوا: نعم. فدعا رجلًا من علمائهم. فقال: أنشدك (?) بالذي أَنزل التوراة على موسى: أهكذا تجدون الزاني قى كتابكم؟ فقال: لا والله. ولولا أَنك نشدتني لم أخْبرك. نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ... ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أَخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالَوْا حتى نجعل شيئًا نقيمه على الشريف والوضيع. فاجتمعنا على: التحميم والجلد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ إِني أولُ مَنْ أَحيا أمْرك، إذْ أَماتوه. قال: فأمر به فرجم" (?). فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ... } الآية.
فخوطب صلى الله عليه وسلم، بعنوان الرسالة، للتشريف، والإيذان بأن عدم الحزن من مقتضيات الرسالة ... ويشير بقوله تعالى:
(يُسَارِعُونَ في الْكُفْرِ):
إلى أنهمِ مستقرون في الكفر لا يبرحونه.
والمراد: نَهْيُ الرَّسول صلى الله عليه وسلم، عن التأثر بذلك، أَو المبالاة بهم، وتسليته عما حدث منهم، على أبلغ وجه.
أَي لا تحزن، ولا تبال بتهافتهم في الكفر والإسراع فيه.