أي: بالحق والإنصاف، لا يكتب لصاحب الدين فضلا على الذي عليه، ولا ينقصه من حقه، ولا يقدم الأجل ولا يؤخره، ولا يكتب شيئا يبطل به حقا لأحدهما هذا هو العدل.
قوله: {وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ} [البقرة: 282] أي: لا يمتنع، يقال: أبى فلان الشيء يأباه، إذا امتنع عنه.
قال مجاهد والربيع: واجب على الكاتب أن يكتب إذا أمر، لأن الله تعالى أمره أن لا يأبى.
وقال الضحاك: كانت هذه عزيمة واجبة على الكاتب والشاهد فنسخها قوله: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] .
وقوله: {كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} [البقرة: 282] أي: لا يأب أن يكتب كما أمره الله عز وجل من العدل.
وقوله: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282] الإملال والإملاء: لغتان، قال الفراء: أمللت: لغة الحجاز وبني أسد، وأمليت: لغة بني تميم وقيس، نزل القرآن باللغتين، قال الله تعالى في اللغة الثانية: {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ} [الفرقان: 5] .
ومعنى الآية: أن الذي عليه الدين يملي، لأنه المشهود عليه، فيقر على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه.
وقوله: {وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} [البقرة: 282] البخس: النقصان، يقال: بخسه حقه.
أي: نقصه، أمر من عليه الحق أن يقر بمبلغ المال الذي عليه ولا ينقص شيئا.
وقوله: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا} [البقرة: 282] قال مجاهد: جاهلا بالإملاء.
وقال الضحاك والسدي: طفلا صغيرا.
أو ضعيفا قال السدي وابن زيد: يعني: عاجزا أحمق.
{أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ} [البقرة: 282] لخرس أو عي أو جهل بما له وعليه، {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ} [البقرة: 282] أي: ولي السفيه والعاجز والطفل، يعني: قيمه أو وارثه، أو من يقوم مقامه في حقه، بالعدل بالصدق والحق والإنصاف.