{أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ {39} أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ {40} أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ {41} أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ {42} أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ {43} } [الطور: 39-43] .
{أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} [الطور: 39] هذا انكار عليهم، حيث جعلوا لله ما يكرهون، كقوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} [الصافات: 149] .
{أَمْ تَسْأَلُهُمْ} [الطور: 40] يا محمد، على ما جئتهم به من الدين والشريعة، {أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [الطور: 40] أثقلهم ذلك الغرم الذي تسألهم، فمنعهم ذلك عن الإسلام، قال قتادة: يقول: هل سألت هؤلاء القوم أجرًا فجهدهم، فلا يستطيعون الإسلام؟ {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ} [الطور: 41] قال قتادة: هذا جواب لقولهم: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: 30] .
يقول الله تعالى: أعندهم الغيب حتى علموا أن محمدًا يموت قبلهم؟ فهم يكتبون قال ابن قتيبة: يحكمون بما يقولون.
{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} [الطور: 42] مكرًا به، فيهلكون بذلك المكر، {فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} [الطور: 42] المجزيون بكيدهم، يريد: أن ضرر ذلك يعود عليهم، ويحيق بهم مكرهم، كما قصدوا المكر به لما اجتمعوا في دار الندوة، فجزاهم الله بكيدهم، أن قتلهم ببدر.
{أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} [الطور: 43] يرزقهم، ويحفظهم، وينصرهم، يعني: أن الذين اتخذوهم آلهة، ليست بآلهة تدفع وتنفع، ثم نزه نفسه، فقال: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الطور: 43] به من الآلهة.
ثم ذكر عنادهم، وقساوة قلوبهم، فقال تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ {44} فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ {45} يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ {46} وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ {47} وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ {48} وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ {49} } [الطور: 44-49] .
{وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا} [الطور: 44] يقول: إن عذبناهم بسقوط بعض من السماء عليهم، لم ينتهوا عن كفرهم، وقالوا: هو قطعة من السحاب، وهو قوله: {يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الطور: 44] بعضه على بعض.
فذرهم فخل عنهم، حتى يعاينوا يوم موتهم، وهو قوله: {حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} [الطور: 45] أي: يموتون، من قوله: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} [الزمر: 68] من قرأ يصعقون بضم الياء، فهو من أصعقهم الله، إذا قتلهم وأهلكهم.
وذلك اليوم لا ينفعهم كيدهم، ولا يمنعهم من العذاب مانع، وهو قوله: {لا يُغْنِي عَنْهُمْ