عند الله.
{وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون: 59] لا يعبدون معه غيره.
{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} [المؤمنون: 60] أي: يتصدقون ويعملون الأعمال الصالحة، {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] خائفة أن لا يقبل منهم، قال مجاهد: المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل.
وقال الحسن: المؤمن جمع إحسانا وشفقة، والمنافق جمع إساءة وأمنا.
وإيتاء المال في هذه الآية عبارة عن الأعمال الصالحة، إذ هو الأفضل والأشق على النفس.
647 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الزَّاهِدُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، نا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ. . . . .} الآيَةَ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ الصِّدِّيقِ، الَّذِينَ يَصُومُونَ وَهُمْ يَفْرَقُونَ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، وَيُصَلُّونَ وَهُمْ يَفْرَقُونَ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَفْرَقُونَ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُمْ
أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق، أنا أبو بكر القطيعي، نا إدريس بن عبد الكريم المقري، نا عاصم بن علي، نا أبو الأشهب العطاري، عن الحسن في قوله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} [المؤمنون: 60] قال: كان ما عملوا من أعمال البر يرون أن ذلك لا ينجيهم من عذاب الله.
قال الزجاج: قلوبهم خائفة لأنهم إلى ربهم راجعون.
قال صاحب النظم: فالوجل واقع على مضمر.
وقوله: {أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ} [المؤمنون: 60] سبب له، على تأويل وقلوبهم وجلة لا يقبل منهم لعلمهم أنهم إلى ربهم، {رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60] أي: لأنهم يوقنون بأنهم يرجعون إلى الله، يخافون أن لا يقبل منهم.
قوله: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [المؤمنون: 61] يبادرون في الأعمال الصالحة، {وَهُمْ لَهَا} [المؤمنون: 61] أي إليها، {سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61] قاله الفراء، والزجاج.
وقال ابن عباس: ينافسون فيه أمثالهم من أهل البر والتقوى.
وقال الكلبي: سبقوا الأمم إلى الخيرات.
{وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ {62} بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ {63} حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ {64} لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ {65} قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ {66} مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ {67} } [المؤمنون: 62-67] قوله: {وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [المؤمنون: 62] أي: إلا طاقتها من العمل، فمن لم يستطع أن يصلي قائما فيصلي جالسا، وقد سبق هذا في آخر { [البقرة، ولدينا كتاب يريد اللوح المحفوظ، وفيه مكتوب كل شيء سبق في علم الله، ينطق بالحق يبين بالصدق، ومعنى ال:: لا نكلف نفسا إلا ما أطاقت من العمل، وتعلم أين تعمل، لأنا قد اثبتنا عمله في اللوح المحفوظ، فهو ينطق به ويبينه،] وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [المؤمنون: 62] أي: لا ينقصون من ثواب أعمالهم.
ثم عاد إلى ذكر الكفار، فقال: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ} [المؤمنون: 63] في غفلة وجهالة، {مِنْ هَذَا} [المؤمنون: 63] القرآن، {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ} [المؤمنون: 63] خبيثة، {مِنْ دُونِ ذَلِكَ} [المؤمنون: 63]