وقتادة، جميعا: اللفيف: الجمع العظيم من أخلاط شتى.
والمعنى: جئنا بكم من قبوركم إلى المحشر أخلاطا، يعني جميع الخلق، المسلم والكافر، والبر والفاجر.
قوله: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا {105} وَقُرْءَانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا {106} قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا {107} وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا {108} وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا {109} } [الإسراء: 105-109] {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ} [الإسراء: 105] أنزلنا القرآن بالأمر الثابت والدين القائم، {وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105] ومع الحق نزل، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا} [الإسراء: 105] لمن أطاع بالجنة، {وَنَذِيرًا} [الإسراء: 105] منذرا مخوفا لمن عصى بالنار.
{وَقُرْءَانًا فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: 106] قال الوالبي: فصلناه.
وقال السدي: قطعناه آية آية، و { [سورة، ولم ينزله جملة.
قال قتادة: كان بين أول القرآن وآخره عشرون سنة.
وهو معنى قوله:] لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [سورة الإسراء: 106] قال مجاهد: على تؤدة وترسل.
وقال الزجاج: فرقه الله فِي التنزيل ليفهمه الناس.
{وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا} [الإسراء: 106] نجوما بعد نجوم، وشيئا بعد شيء.
قل لأهل مكة، آمَنُوا بالقرآن، {أَوْ لا تُؤْمِنُوا} [الإسراء: 107] وهذا تهديد، أي: فقد أنذر الله، وبلغ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاختاروا ما تريدون، {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ} [الإسراء: 107] من قبل نزول القرآن، يعني طلاب الدين مثل أبي ذر، وسلمان، وورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو.
{إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [الإسراء: 107] القرآن، {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: 107] قال ابن عباس رضي الله عنه: للوجوه، يريد يسجدون بوجوههم وجباههم وأذقانهم.
واللام ههنا بمعنى على.
ويقولون فِي سجودهم: {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا} [الإسراء: 108] بإنزال القرآن، وبعث محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {لَمَفْعُولا} [الإسراء: 108] وذلك أن هؤلاء كانوا يسمعون أن الله باعث نبيا من العرب، ومنزل عليه الكتاب، فلما سمعوا القرآن، سجدوا لله وحمدوه على إنجاز الوعد ببعث الرسول والكتاب.
{وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [الإسراء: 109] كرر القول، دلالة على تكرر الفعل منهم، وقال عبد الأعلى التيمي: إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق ألا يكون أوتي علما ينفعه، لأن الله تعالى نعت العلماء، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [الإسراء: 107] تلا إلى قوله: {يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109] أي: يزيدهم القرآن تواضعا.
قوله: {