نَسْأَلَ هَذَا النَّبِيَّ، قَالَ: فَأَتَيَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} فَقَالَ: لا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَسْرِقُوا، وَلا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلا تَسْحِرُوا، وَلا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَلا تَقْذِفُوا الْمُحْصَنَةَ، وَلا تَفِرُّوا مِنَ الزَّحْفِ، وَعَلَيْكُمْ، خَاصَّةَ يَهُودَ، أَلا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ، قَالَ: فَقَبَّلُوا يَدَهُ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي؟ قَالُوا: إِنَّ دَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، دَعَا أَنْ لا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَإِنَّا نَخْشَى إِنِ اتَّبَعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ
قوله: {فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الإسراء: 101] قال ابن عباس: يريد المؤمنين من قريظة والنضير.
وإنما أمر بأن يسألهم ليكشف لعامة اليهود، يقول علمائهم: صدق ما أتى به، وأخبر عنه.
فيكون ذلك حجة عليهم، وقوله: {إِذْ جَاءَهُمْ} [الإسراء: 101] يعني موسى، {فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: 101] قال أبو عبيد، والفراء: هو بمعنى الساحر، كالمشئوم والميمون.
ويجوز أن يكون مفعولا من السحر، أي: إنك قد سحرت، فعمل فيك السحر.
فقال موسى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ} [الإسراء: 102] الآيات، {إِلا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: 102] عبرا ودلالات، وقراءة العامة بفتح التاء، وهي قراءة ابن عباس، وقرأ الكسائي بضم التاء، وهي قراءة علي رضي الله عنه، وكان يقول: والله ما علم عدو الله، ولكن موسى هو الذي علم.
فبلغ ذلك ابن عباس، فاحتج بقوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14] على أن فرعون وقومه كانوا قد عرفوا صحة أمر موسى.
قال الزجاج: الأجود فِي القراءة فتح التاء، لأن علم فرعون بأنها آيات من عند الله أوكد فِي الحجة، فموسى يحتج بما علم هو لا بما علم موسى.
وقوله: {وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ} [الإسراء: 102] أي أعلمك، مثبورا قال ابن عباس: ملعونا.
قال الفراء: المثبور الملعون المحبوس عن الخير، تقول العرب: ما ثبرك عن هذا؟ أي: ما منعك منه، وما صرفك.
وقال قتادة: مهلكا.
وقال مجاهد: هالكا.
وقال أبو عبيدة: المعروف فِي الثبور والهلاك والملعون، هالك.
قوله: فأراد يعني فرعون، أن يستفزهم يزعجهم ويخرجهم، يعني موسى وبني إسرائيل، من الأرض أرض مصر، قال الزجاج: أراد إخراجهم منها بالقتل أو بالتنحية، فأغرقه الله وقومه، وأورث بني إسرائيل مساكنهم وديارهم.
وفي هذا تسلية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه يفعل به وبالمشركين ما فعل بموسى وعدوه، ثم فعل ذلك، أظهر نبيه على المشركين ورده إلى مكة ظاهرا عليها.
وقوله: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ} [الإسراء: 104] يعني القيامة، {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} [الإسراء: 104] قال مجاهد