ذوب وذوبان، وربما تعاقب فعلان وفعلان على البناء الواحد نحو حش وحُشَّان وحِشَّان.
وقوله: تسقى بماء واحد أي: تسقى هذه الأشياء الذي ذكرها من القطع المتجاورات، والجنات، والنخيل المختلفة، ومن قرأ {يُسْقَى} [الرعد: 4] بالياء كان التقدير يسقى ما قصصناه وما ذكرناه.
قال ابن عباس: يريد البئر واحدة، والشرب واحد، والجنس واحد.
{وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ} [الرعد: 4] يعني اختلاف الطعم الحلو والحامض، يخبر بعجائبه وقدرته في خلقه، قال ابن الأنباري: يعني أن القطع المتجاورة تنبت نباتا مختلفا، منه الحلو والحامض، وشربها واحد، ومكانها مجتمع، وفي هذا أوضح آية على نفاذ قدرة الله، والأكل الثمر الذي يؤكل.
وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد: 4] قال ابن عباس: يريد أهل الإيمان، وهم أهل العقل الذين لم يجعلوا لله ندا.
{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {5} وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ {6} وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ {7} اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ {8} } [الرعد: 5-8] قوله: وإن تعجب أي: من عبادتهم ما لا يملك نفعا ولا ضرا، بعدما رأوا من قدرة الله تعالى في خلقه الأشياء التي ذكرها، فعجب قولهم الآية، قال الزجاج: إن هذا موضع عجب أيضا، أنهم أنكروا البعث، وقد بين لهم من خلق السموات والأرض ما يدل على أن البعث أسهل في القدرة.
ثم أخبر أن هؤلاء الذين أنكروا البعث بعد الموت كافرون، فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [الرعد: 5] الأغلال جمل الغل، وهو طوق يقيد به اليد إلى العنق، يقال منه: غل الرجل فهو مغلول.
قوله {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ