العقول السليمة الذين يستعملون العقل فيعتبرون، وذلك أن من اعتبر وتذكر علم أن محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع كونه أميا لم يأت بهذه القصة على موافقة ما في التوراة من قبل نفسه، وعلم أيضا أن من قدر على إعزاز يوسف وتمليكه مصر بعد إلقائه في الجب، وكونه في حكم العبيد، قادر على أن يعز محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويعلي كلمته، وينصره على من عاداه، قوله: {مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى} [يوسف: 111] أي: ما كان هذا القرآن حديثا يتقوله بشر، وَلَكِنْ كان {تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [يوسف: 111] من الكتب، أي: يصدق ما قبله من التوراة والإنجيل بموافقة الأخبار، {وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} [يوسف: 111] يحتاج إليه من أمور الدين وَهُدًى بيانا {وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111] يصدقون بما جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.