فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {105} } [التوبة: 102-105] قوله: وَآخَرُونَ أي: ومن أهل المدينة آخرون اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ أقروا بها عن معرفة، نزلت في قوم من المؤمنين كانوا تخلفوا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تبوك، ثم ندموا على ذلك وتذمموا، وقوله: {خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102] يعني: غزوهم مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقاعدهم عن غزوة تبوك، عَسَى الله واجب من الله، {أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] قال أبو عثمان النهدي: ما في القرآن آية أرجى لهذه الأمة من هذه الآية.

427 - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أنا أَبُو الْهَيْثَمِ الْمَرْوَزِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، نا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا عَوْفٌ، نا أَبُو رَجَاءٍ، نا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، فَابْتَعَثَانِي فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنٍ ذَهَبٍ وَلَبِنٍ فِضَّةٍ فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، قَالَ لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقِعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا، فَذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالا لِي: إِنَّ هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَا مَنْزِلُكَ، وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ، فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ "

قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] قال المفسرون: لما عذر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هؤلاء، قالوا: يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفَتْنا عنك فتصدق بها عنا، وطهرنا، واستغفر لنا.

فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا» .

فأنزل الله تعالى هذه الآية، فأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلث أموالهم.

قال الحسن: هذه الصدقة هي كفارة الذنوب التي أصابوها، وليست بالزكاة المفروضة.

وقال عكرمة: هي صدقة الفرض.

وقوله: تُطَهِّرُهُمْ قال ابن عباس: تطهرهم من الذنوب.

وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ترفعهم بهذه الصدقة، من منازل المنافقين إلى منازل المخلصين، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ أي: أدع لهم، {إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] إن دعواتك مما تسكن نفوسهم إليه، وقال الكلبي: طمأنينة لهم أن الله قد قبل منهم، وَالله سَمِيعٌ لقولهم، عَلِيمٌ بندامتهم.

428 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى، أنا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ مَطَر، أنا أَبُو خَلِيفَةَ الْجُمَحِيُّ، نا الْحَوْضِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: كَانَ أَبِي مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلانٍ» فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» .

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنِ الْحَوْضِي، وَرَوَاه مُسْلِمٌ، عَنْ وَكِيع كِلاهُمَا، عَنْ شُعْبَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015