العذاب المتوسط هو عذاب القبر، وإذا كان النبي ذاته لم يعلم بأعيان المنافقين في عصره، فما بال أقوام يتكلفون علم الناس: فلان في الجنة، وفلان في النار، فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال: لا أدري.
وهناك فريق آخر حول المدينة أقروا بمعاصيهم واعترفوا بها لربهم، ولهم أعمال أخر صالحة، خلطوا أعمالهم الصالحة وهي التوبة والندم بالسيئة وهو التخلف عن غزوة تبوك، فهؤلاء تحت عفو الله وغفرانه، لعل الله أن يتوب عليهم، إن الله غفور لمن تاب، رحيم بمن أحسن وأناب. وهؤلاء ثلاثة أشخاص أو سبعة تخلفوا عن غزوة مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهم أبو لبابة الأنصاري ورجلان معه، تفكروا وندموا، ثم أوثقوا أنفسهم بسواري المسجد، ولم يطلقوها، وظلوا على هذه الحال في حر شديد سبعة أيام، وأقسموا ألا يطعموا ولا يشربوا حتى يعفو الله عنهم أو يموتوا، فنزلت هذه الآية: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ.. فلما نزلت أطلقهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بنفسه وعذرهم. وهذا يدلنا على أن الكثير من الناس الذين يخلطون العمل الصالح بالفاسد، يجب عليهم ألا يقنطوا من رحمة الله، وعليهم المبادرة إلى التوبة، فإن رحمة الله قريب من المحسنين.
إذا انحرف الإنسان عن أوامر الله ونواهيه، ثم تاب وأناب وأحسن العمل، توقف قبول أعماله على إذن الله ورضاه، وهذا ما كان عليه الحال في صدر الإسلام.
فإن الجماعة التائبة التي ربطت أنفسها بسواري المسجد، وخلطت العمل الصالح بالسيئ،
جاءت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما تيب عليها، فقالت: يا رسول الله، إنا نريد أن