والصحابة الكرام: هم كل من لقي النبي صلّى الله عليه وسلّم مؤمنا به ومات على الإسلام، وهم في الفضل درجات، وأفضلهم الذين سبقوا إلى الإسلام والهجرة ونصرة نبي الله.

والتابعون لهم بإحسان، أي بالإيمان والطاعة: هم الذين أدركوا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وهذا التعبير يشمل جميع الأتباع إلى يوم القيامة، كما

نبّه إليه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار» .

والحكم بالرضا عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم: هو الحكم بالرضا عنهم من الله بإدخالهم الجنة وغفر ذنوبهم، والحكم برضاهم عن ربهم في شكرهم وحمدهم على نعمه، وإيمانهم به وطاعتهم له، جعلنا الله من الفائزين برحمته وفضله ومنّه. والاتباع المطلوب: هو الإتباع بإحسان، أي إحسان الأعمال والنيات والظواهر والبواطن، وأما الاكتفاء بظاهر الإسلام فلا يحقق شرط الإحسان، والمتبعون بإحسان مع الصحابة هم خير أمة أخرجت للناس، وهم الأمة الوسط العدول الخيار. ومرتبة هؤلاء في الإسلام في القمة لا يعلوها مقام.

وكان يجاور هؤلاء الوسط الخيار فئة من المنافقين كانوا في المدينة المنورة وما حولها، من أهل البدو والحضر. وهم جهينة ومزينة وأشجع وأسلم وغفار وعصيّة ولحيان وغيرهم من القبائل المجاورة للمدينة، كان منهم وليسوا كلهم قوم منافقون، مرنوا على النفاق ومردوا عليه وتأصلوا فيه، لا تعلمهم ولا تعرفهم بأعيانهم أيها النبي، ولا تعلم عاقبة أمورهم، وإنما نحن نختص بعلمهم ومعرفتهم، وهؤلاء سنعذبهم مرتين: مرة في الدنيا بفضيحتهم وهتك سترهم وتكليفهم بتكاليف الإسلام من جهاد وزكاة دون أن يستفيدوا منها، ومرة في الآخرة نردهم إلى عذاب شديد مناسب لعملهم هو النار. وعذاب المرة الأولى هو القتل والجوع. ولا خلاف بين المتأولين أن العذاب العظيم الذي يردون إليه هو عذاب الآخرة، وأكثر الناس أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015